كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الألف (أثل- إثم - أج - أجر)

الوصف
كتاب الألف
(أثل)
قال تعالى: (ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ) [سبأ/ ١٦] .
أَثْل: شجر ثابت الأصل، وشجر متأثّل: ثابت ثبوته، وتأثّل كذا: ثبت ثبوته.
وقوله صلّى الله عليه وسلم في الوصيّ: «غير متأثّل مالًا» أي: غير مقتنٍ له ومدّخر، فاستعار التأثّل له، وعنه استعير: نحتّ أثلته: إذا اغتبته .
[إثم]
الإثم والأثام: اسم للأفعال المبطئة عن الثواب ، وجمعه آثام، ولتضمنه لمعنى البطء قال الشاعر:
جماليّةٍ تغتلي بالرّادف إذا كذّب الآثمات الهجير وقوله تعالى: (فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) [البقرة/ ٢١٩] أي: في تناولهما إبطاء عن الخيرات.
وقد أَثِمَ إثماً وأثاماً فهو آثِمٌ وأَثِمٌ وأَثِيمٌ. وتأثَّم: خرج من إثمه، كقولهم: تحوّب وتحرّج: خرج من حوبه وحرجه، أي: ضيقه.
وتسمية الكذب إثماً لكون الكذب من جملة الإثم، وذلك كتسمية الإنسان حيواناً لكونه من جملته.
وقوله تعالى: (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) [البقرة/ ٢٠٦] أي: حملته عزته على فعل ما يؤثمه، (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) [الفرقان/ ٦٨] أي: عذاباً، فسمّاه أثاماً لما كان منه، وذلك كتسمية النبات والشحم ندىً لما كانا منه في قول الشاعر: تعلّى الندى في متنه وتحدّرا وقيل: معنى: «يلق أثاماً» أي: يحمله ذلك على ارتكاب آثام، وذلك لاستدعاء الأمور الصغيرة إلى الكبيرة، وعلى الوجهين حمل قوله تعالى: (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) [مريم/ ٥٩] .
والآثم: المتحمّل الإثم، قال تعالى: (آثِمٌ قَلْبُهُ)[البقرة/ ٢٨٣] .
وقوبل الإثم بالبرّ، فقال صلّى الله عليه وسلم: «البرّ ما اطمأنّت إليه النفس، والإثم ما حاك في صدرك» وهذا القول منه حكم البرّ والإثم لا تفسيرهما.
وقوله تعالى: (مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) [القلم/ ١٢] أي: آثم، وقوله: (يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) [المائدة/ ٦٢] .
قيل: أشار بالإثم إلى نحو قوله: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) [المائدة/ ٤٤] ، وبالعدوان إلى قوله: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [المائدة/ ٤٥] ، فالإثم أعمّ من العدوان.
[أج]
قال تعالى: (هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) [الفرقان/ ٥٣] : شديد الملوحة والحرارة، من قولهم: أجيج النار وأَجَّتُهَا، وقد أجّت، وائتجّ النهار.
ويأجوج ومأجوج منه، شبّهوا بالنار المضطرمة والمياه المتموّجة لكثرة اضطرابهم .
وأجّ الظّليم: إذا عدا، أجيجاً تشبيهاً بأجيج النار.
[أجر]
الأجر والأجرة: ما يعود من ثواب العمل دنيوياً كان أو أخروياً، نحو قوله تعالى: (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ) [يونس/ ٧٢] ، (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) [العنكبوت/ ٢٧] ،
(وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا) [يوسف/ ٥٧] .
والأُجرة في الثواب الدنيوي، وجمع الأجر أجور، وقوله تعالى: (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) [النساء/ ٢٥] كناية عن المهور، والأجر والأجرة يقال فيما كان عن عقد وما يجري مجرى العقد، ولا يقال إلا في النفع دون الضر، نحو قوله تعالى: (لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) [آل عمران/ ١٩٩] ، وقوله تعالى: (فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) [الشورى/ ٤٠] . والجزاء يقال فيما كان عن عقدٍ وغير عقد، ويقال في النافع والضار، نحو قوله تعالى: (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) [الإنسان/ ١٢] ، وقوله تعالى: (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) [النساء/ ٩٣] .
يقال: أَجَر زيد عمراً يأجره أجراً: أعطاه الشيء بأجرة، وآجَرَ عمرو زيداً: أعطاه الأجرة، قال تعالى: (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) [القصص/ ٢٧] ، وآجر كذلك، والفرق بينهما أنّ أجرته يقال إذا اعتبر فعل أحدهما، وآجرته يقال إذا اعتبر فعلاهما ، وكلاهما يرجعان إلى معنى واحدٍ، ويقال: آجره الله وأجره الله.
والأجير: فعيل بمعنى فاعل أو مفاعل، والاستئجارُ: طلب الشيء بالأجرة، ثم يعبّر به عن تناوله بالأجرة، نحو: الاستيجاب في استعارته الإيجاب،
وعلى هذا قوله تعالى: (اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) [القصص/ ٢٦] .
[أجل]
الأَجَل: المدّة المضروبة للشيء، قال تعالى: (لِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى) [غافر/ ٦٧] ، (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) [القصص/ ٢٨] .
ويقال: دينه مُؤَجَّل، وقد أَجَّلْتُهُ: جعلت له أجلًا، ويقال للمدّة المضروبة لحياة الإنسان أجل فيقال: دنا أجله، عبارة عن دنوّ الموت.
وأصله: استيفاء الأجل أي: مدّة الحياة، وقوله تعالى: (بَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا) [الأنعام/ ١٢٨] ، أي: حدّ الموت، وقيل: حدّ الهرم، وهما واحد في التحقيق.
وقوله تعالى: (ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) [الأنعام/ ٢] ، فالأول: هو البقاء في الدنيا، والثاني: البقاء في الآخرة، وقيل:
الأول: هو البقاء في الدنيا، والثاني: مدّة ما بين الموت إلى النشور، عن الحسن، وقيل: الأول للنوم، والثاني للموت،
إشارة إلى قوله تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) [الزمر/ ٤٢] ، عن ابن عباس .
وقيل: الأجلان جميعاً للموت، فمنهم من أجله بعارضٍ كالسيف والحرق والغرق وكل شيء غير موافق، وغير ذلك من الأسباب المؤدّية إلى قطع الحياة، ومنهم من يوقّى ويعافى حتى يأتيه الموت حتف أنفه، وهذان هما المشار إليهما بقوله: (من أخطأه سهم الرزيّة لم يخطئه سهم المنيّة) .
وقيل: للناس أجلان، منهم من يموت عبطة ، ومنهم من يبلغ حدّاً لم يجعله الله في طبيعة الدنيا أن يبقى أحد أكثر منه فيها، وإليها أشار بقوله تعالى: (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) [الحج/ ٥] ، وقصدهما الشاعر بقوله: رأيت المنايا خبط عشواء من تصب ... تمته....
وقول الآخر:
من لم يمت عبطةً يمت هرماً والآجِل ضد العاجل، والأَجْلُ: الجناية التي يخاف منها آجلًا، فكل أَجْلٍ جناية وليس كل جناية أجلًا، يقال: فعلت كذا من أجله،
قال تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) [المائدة/ ٣٢] ، أي: من جرّاء، وقرئ: (من إجل ذلك) بالكسر. أي: من جناية ذلك.
ويقال: (أَجَلْ) في تحقيق خبرٍ سمعته. وبلوغ الأجل في قوله تعالى: (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ) [البقرة/ ٢٣١] ، هو المدة المضروبة بين الطلاق وبين انقضاء العدة، وقوله تعالى: (فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ) [البقرة/ ٢٣٢] ، إشارة إلى حين انقضاء العدّة، وحينئذ لا جناح عليهنّ فيما فعلن في أنفسهن.