كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الألف (إلى - أم)

الوصف
كتاب الألف
(إلى - أم)
[إلى]
إلى: حرف يحدّ به النهاية من الجوانب الست، وأَلَوْتُ في الأمر: قصّرت فيه، هو منه، كأنه رأى فيه الانتهاء، وأَلَوْتُ فلانا، أي: أوليته تقصيرا نحو: كسبته، أي: أوليته كسبا، وما ألوته جهدا، أي: ما أوليته تقصيرا بحسب الجهد، فقولك: «جهدا» تمييز، وكذلك: ما ألوته نصحا. وقوله تعالى: (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا) [آل عمران/ ١١٨] منه، أي: لا يقصّرون في جلب الخبال، وقال تعالى: (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ) [النور/ ٢٢] قيل: هو يفتعل من ألوت، وقيل: هو من: آليت: حلفت. وقيل: نزل ذلك في أبي بكر، وكان قد حلف على مسطح أن يزوي عنه فضله .
وردّ هذا بعضهم بأنّ افتعل قلّما يبنى من «أفعل» ، إنما يبنى من «فعل» ، وذلك مثل: كسبت واكتسبت، وصنعت واصطنعت، ورأيت وارتأيت.
وروي: «لا دريت ولا ائتليت» وذلك: افتعلت من قولك: ما ألوته شيئا، كأنه قيل: ولا استطعت.
وحقيقة الإيلاء والأليّة: الحلف المقتضي لتقصير في الأمر الذي يحلف عليه. وجعل الإيلاء في الشرع للحلف المانع من جماع المرأة، وكيفيته وأحكامه مختصة بكتب الفقه.
(فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ) [الأعراف/ ٦٩] أي: نعمه، الواحد: ألًا وإِلًى، نحو أناً وإنًى لواحد الآناء. وقال بعضهم في قوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة/ ٢٢- ٢٣] :
إنّ معناه: إلى نعمة ربها منتظرة، وفي هذا تعسف من حيث البلاغة . و «أَلَا» للاستفتاح، و «إِلَّا» للاستثناء، وأُولَاءِ في قوله تعالى: (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ) [آل عمران/ ١١٩] وقوله: أولئك: اسم مبهم موضوع للإشارة إلى جمع المذكر والمؤنث، ولا واحد له من لفظه، وقد يقصر نحو قول الأعشى: هؤلا ثم هؤلا كلّا أع ... طيت نوالا محذوّة بمثال
[أمّ ]
أمّ : الأُمُّ بإزاء الأب، وهي الوالدة القريبة التي ولدته، والبعيدة التي ولدت من ولدته.
ولهذا قيل لحوّاء: هي أمنا، وإن كان بيننا وبينها وسائط. ويقال لكل ما كان أصلا لوجود شيء أو تربيته أو إصلاحه أو مبدئه أمّ، قال الخليل: كلّ شيء ضمّ إليه سائر ما يليه يسمّى أمّا ، قال تعالى: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ) [الزخرف/ ٤] أي: اللوح المحفوظ وذلك لكون العلوم كلها منسوبة إليه ومتولّدة منه. وقيل لمكة أم القرى، وذلك لما روي: (أنّ الدنيا دحيت من تحتها) ، وقال تعالى: (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) [الأنعام/ ٩٢] ، وأمّ النجوم: المجرّة . قال: بحيث اهتدت أمّ النجوم الشوابك
وقيل: أم الأضياف وأم المساكين ، كقولهم: أبو الأضياف ، ويقال للرئيس: أمّ الجيش كقول الشاعر: وأمّ عيال قد شهدت نفوسهم وقيل لفاتحة الكتاب: أمّ الكتاب لكونها مبدأ الكتاب، وقوله تعالى: (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ)
[القارعة/ ٩] أي: مثواه النار فجعلها أمّا له، قال: (وهو نحو مَأْواكُمُ النَّارُ) [الحديد/ ١٥] ، وسمّى الله تعالى أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين فقال: (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) [الأحزاب/ ٦] لما تقدّم في الأب، وقال: (ابْنَ أُمَ) [طه/ ٩٤] ولم يقل: ابن أب، ولا أمّ له يقال على سبيل الذم، وعلى سبيل المدح، وكذا قوله: ويل أمّه ، وكذا: هوت أمّه والأمّ قيل: أصله: أمّهة، لقولهم جمعا: أمهات، وفي التصغير: أميهة .
وقيل: أصله من المضاعف لقولهم: أمّات وأميمة. قال بعضهم: أكثر ما يقال أمّات في البهائم ونحوها، وأمهات في الإنسان. والأُمّة: كل جماعة يجمعهم أمر ما إمّا دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان واحد سواء كان ذلك الأمر الجامع تسخيرا أو اختيارا، وجمعها: أمم، وقوله تعالى: (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ)[الأنعام/ ٣٨] أي: كل نوع منها على طريقة قد سخرها الله عليها بالطبع، فهي من بين ناسجة كالعنكبوت، وبانية كالسّرفة ، ومدّخرة كالنمل ومعتمدة على قوت وقته كالعصفور والحمام، إلى غير ذلك من الطبائع التي تخصص بها كل نوع.
وقوله تعالى: (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) [البقرة/ ٢١٣] أي: صنفا واحدا وعلى طريقة واحدة في الضلال والكفر، وقوله: (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) [هود/ ١١٨] أي: في الإيمان، وقوله: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ) [آل عمران/ ١٠٤] أي: جماعة يتخيّرون العلم والعمل الصالح يكونون أسوة لغيرهم، وقوله: (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) [الزخرف/ ٢٢] أي: على دين مجتمع. قال: وهل يأثمن ذو أمّة وهو طائع وقوله تعالى: (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) [يوسف/ ٤٥] أي: حين، وقرئ (بعد أمه) أي: بعد نسيان. وحقيقة ذلك: بعد انقضاء أهل عصر أو أهل دين.
وقوله: (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ) [النحل/ ١٢٠] أي: قائما مقام جماعة في عبادة الله، نحو قولهم: فلان في نفسه قبيلة. وروي: «أنه يحشر زيد بن عمرو بن نفيل أمّة وحده» .