ماذا يحب الله ورسوله-رضي الله عنهم ورضوا عنه (يرضى الله عن الذين لا يتخذون عدو الله وعدوهم أولياء)

الوصف
رضي الله عنهم ورضوا عنه
يرضى الله عن الذين لا يتخذون عدو الله وعدوهم أولياء
يرضى الله عن الذين لا يتخذون عدو الله وعدوهم أولياء
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ)
الذين لا يوالون الكفار:
هم المؤمنون الذين لا يوالون الكفار والمشركين الذين هم محاربون لله ولرسوله وللمؤمنين؛ لأن الله شرع عداوتهم ومصارمتهم ونهى أن يُتخذوا أولياء وأصدقاء وأخلاء؛ ولأن الله قد كشف بأنهم: (إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) أي؛ لو ظفروا بالمؤمنين وتمكنوا منهم لما اتقوا فيهم من أذى ينالونهم به بالمقال والفعال، ويحرصون على ألا ينال المؤمنون خيرًا، فعداوتهم كامنة وظاهرة. قال الله تعالى عنهم: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) بل إن الله تعالى حذَّر عباده المؤمنين من سلوك طريق الكفار من أهل الكتاب وأعلمهم بعداوتهم لهم في الباطن والظاهر وما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين مع علمهم بفضلهم وفضل نبيهم، فقال تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ)
وهم المؤمنون الذين لا يتجسسون على المسلمين لصالح أعدائهم، ولا ينبِّهوا عليهم، ولا يعرِّفوا عدوهم بأخبارهم.
وهم المؤمنون الذين يطيعون الله فيما أمرهم به بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) فهم لا يتخذونه أولياء حتى لا يصيروا منهم بمخالفتهم الله تعالى ورسوله كما خالفوا. ويتجنبون أن يكونوا من الذين في قلوبهم شك وريب فيبادرون إلى موالتهم ومودتهم في الباطن والظاهر.
وهم المؤمنون الذين يجتنبون ملاطفة الكفار واتخاذهم أولياء؛ لأنهم يعلمون أن من يفعل ذلك فقد برئ من الله وهو ليس من حزب الله ولا من أوليائه في شيء كما قال تعالى: (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ)
وهم المؤمنون الذين يطيعون أمر الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتِّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) فهم لا يتخذون من الكفار والمنافقين وأهل الأهواء دُخَلاء ووُلَجاء، يفاوضونهم في الآراء، ويسندون إليهم أمورهم، ويصادقونهم ويخاللونهم، ويطلعونهم على سرائرهم وما يضمرونه لأعدائهم؛ لأن الكفار وأهل الأهواء لا يتركون الجهد في فسادهم، وإن لم يقاتلونهم في الظاهر فإنهم لا يتركون الجهد في المكر والخديعة، وقد ظهرت عداوتهم وبغضهم وتكذيبهم لهم من أفواههم وما يبطنون من البغضاء للإسلام وأهله أكثر مما يُظهرون بأفواههم. وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري الذي اتخذ كاتبًا من الكفار: لا تُدنِهم وقد أقصاهم الله، ولا تُكرمهم وقد أهانهم الله، ولا تَأْمَنهم وقد خونهم الله. وقال رضي الله عنه: لا تستعملوا أهل الكتاب فإنهم يستحلون الرَّشا، واستعينوا على أموركم وعلى رعيتكم بالذين يخشون الله تعالى.
وهم المؤمنون الذين يستجيبون لأمر الله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ (57) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ) فهم لا يوالون أعداء الإسلام وأهله من الكتابيين والمشركين الذين يتخذون أفضل ما يعمله العاملون وهي شرائع الإسلام المطهرة المحكمة المشتملة على كل خير دنيوي وأخروي يتخذونها هزوًا يستهزئون بها، ولعبًا يعتقدون أنها نوع من اللعب في نظرهم الفاسد، وفكرهم البارد، وكذلك بالنسبة للصلاة التي هي أفضل الأعمال لمن يعقل ويعلم من ذوي الألباب إذا نودي لها بالأذان اتخذوها أيضًا هزوًا ولعبًا؛ لأنهم قوم لا يعقلون معاني عبادة الله وشرائعه، وهذه صفات أتباع الشيطان الذي
"إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين".
وهم المؤمنون الذي يخافون وعيد الله فلا يركنون إلى الذين ظلموا حتى لا تمسهم النار كما توعد بذلك رب العالمين: (وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ) والركون حقيقة الاستناد والاعتماد والسكون إلى الشيء والرضا به، وقيل: معناه لا تودّوهم ولا تطيعوهم، ولا تميلوا إليهم، ولا ترضوا أعمالهم، ولا تداهنوهم بألا تنكروا عليهم كفرهم. ولذلك فهم يهجرون أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم، ولا يداهنون أهل الكفر والشرك الظالمين، ولا يميلون إليهم، ولا يستعينون بهم فيكونوا كأنهم قد رضوا بأعمالهم فتمسهم النار وتحرقهم وما لهم من دون الله من ولي ينقذهم، ولا ناصر يخلصهم من عذابه. (وَلَنْ تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)