ماذا يحب الله ورسوله-مَن يحبه اللهُ ومَن يبغضه من الناس (يحب الله المتصدق بالسر)

الوصف
مَن يحبه اللهُ ومَن يبغضه من الناس
يحب الله المتصدق بالسر
يحب الله المتصدق بالسر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أما الثلاثة الذين يحبهم الله عزَّ وجلَّ: فرجل أتى قومًا فسألهم بالله ولم يسألهم بقرابة بينهم فمنعوه، فتخلف رجل بأعقابهم فأعطاه سرًا لا يعلم بعطيته إلا الله، والذي أعطاه..".
لقد أمر الله تعالى بالتصدق على الفقراء وجعل إخفاء الصدقة خير للمتصدق من إعلانها، وأي خير أفضل من أن يحبه الله لأجل تصدقه بالسر؟ قال تعالى: (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) فإخفاء صدقة التطوع أفضل من الإظهار لانتفاء الرياء عنها فلا يعلم بها إلا الله تعالى ثم المتصدق، وهذا أقرب إلى الإخلاص وأدل على أنه يراد الله – عزَّ وجلَّ – بها وحده.
وكذلك سائر العبادات الإخفاء أفضل في تطوعها لانتفاء الرياء عنها، وليس كذلك الواجبات، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة"؛
وذلك أن الفرائض لا يدخلها رياء والنوافل عُرضة لذلك. قال صلى الله عليه وسلم:
"الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة"،
أي؛ أن الذي يسر بقراءة القرآن أفضل من الذي يجهر بقراءة القرآن؛ لأن صدقة السر أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية. وإنما معنى هذا عند أهل العلم لكي يأمن الرجل من العجب؛ لأن الذي يسر بالعمل لا يخاف عليه العجب ما يخاف عليه في العلانية.
وأما حال الناس فالسر عنهم أفضل من العلانية لهم. من جهة أنهم ربما طعنوا على المعطي لها بالرياء وعلى الآخذ لها بالاستغناء، إلا إذا كانت هناك مناسبة يكون في إظهار الصدقة فيها تحريك قلوب الناس إلى الصدقة، ويكون للمعطي فيها فائدة إظهار السنة وثواب القدوة، وهذا لمن قويت حاله وحسنت نيته وأمِن على نفسه الرياء، وأما من ضعف عن هذه المرتبة له أفضل. وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الصدقة أفضل؟ قال:
"سر إلى فقير، وجهد من مقل".
وقد أثنى الله تعالى على شدة المتصدق بالسر فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"لما خلق الله عزَّ وجلَّ الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت، فتعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت: يا رب، هل من خلقك شيء أشد من الجبال؟ قال: نعم، الحديد، قالت: يا رب، هل من خلقك شيء أشد من الحديد؟ قال: نعم، النار، قالت: يا رب، هل من خلقك شيء أشد من النار؟ قال: نعم، الماء، قالت: يا رب، فهل من خلقك شيء أشد من الماء؟ قال: نعم، الريح، قالت: يا رب، فهل من خلقك شيء أشد من الريح؟ قال: نعم، ابن آدم يتصدق بيمينه يخفيها من شماله".
ثم إن المتصدق بالسر من السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ... رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه"،
وفي هذا الحديث فضل صدقة السر، وذكر اليمين والشمال مبالغة في الإخفاء والاستتار بالصدقة، وضرب المثل بهما لقرب اليمين من الشمال وملازمتها لها، ومعناه لو قدرت الشمال رجلًا متيقظًا لما علم صدقة اليمين لمبالغته في الإخفاء.