موسوعةالأخلاق الإسلامية-سماحة النفس (6- من مظاهر سماحة الإسلام ويسره)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-سماحة النفس (6- من مظاهر سماحة الإسلام ويسره)
312 0

الوصف

                                                    سماحة النفس

                                           6- من مظاهر سماحة الإسلام ويسره
                        الباب الرابع : جوامع مفردات الأخلاق وكلياتها الكبرى >> الفصل الثامن: سماحة النفس >>

6- سماحة الإسلام ويسره

كما دعا الإسلام المسلمين إلى التحلي بخلق السماحة، فإن السماحة من خلق الإسلام نفسه، وإن الله تبارك وتعالى يعامل عباده بالسماحة، ما لم يقتض الحق إقامة العدل اقتضاءً لازمًا، وما لم تقتض الحكمة ذلك. وفي الحديث:

أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة.

فمن السماحة عفو الله ومغفرته للمذنبين من عباده، وحلمه تبارك وتعالى على عباده، وتيسير الشريعة عليهم، وتخفيف التكاليف عنهم، ونهيهم عن الغلو في الدين، ونهيهم عن التشديد في الدين على عباد الله.

(أ) وشواهد يسر الإسلام وسماحته كثيرة في النصوص الإسلامية، فمن هذه النصوص ما يلي:

1- يقول الله تعالى في سورة (البقرة 2):

(يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ .... (185))

2- ويقول الله تعالى في سورة (المائدة 5):

(مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6))

فالله تبارك وتعالى ما يريد لنا فيما أنزل علينا من شرائع العسر، وإنما يريد لنا اليسر، وما يريد أن يجعل علينا حرجًا في الدين، وإنما يريد تطهيرنا من الأرجاس المادية والمعنوية، ويريد تكميلنا بإتمام نعمته علينا.

3- ويقول الله تعالى في سورة (الحج 22):

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78))

ففي هذا النص يمتن الله علينا بأنه ما جعل علينا في الدين من حرج، وهذا من سماحة هذا الدين ويسره.

4- ويقول الله تعالى في سورة (النساء 4):

(يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28))

فامتن الله علينا بأنه يريد أن يخفف عنا في تكاليف الشريعة مراعاةً لواقع حال ضعفنا.

(ب) وقد ظهر يسر الإسلام وسماحته في تطبيقات الأحكام الشرعية، وشواهد ذلك كثيرة، فمنها ما يلي:

1- فعند التكليف بتقديم الهدي بالنسبة إلى المحصر وبالنسبة إلى المتمتع بالعمرة إلى الحج؛ يقول الله تعالى في سورة (البقرة 2):

(فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (196))

2- وبالنسبة إلى قيام الليل يقول الله تعالى في سورة (المزمل 73):

(عَلِمَ أَلَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ (20))

أي: علم الله أن لن تطيقوه، فخفف عنكم فرغبكم بأن تصلوا ما تيسر لكم من الصلاة، أو بأن تكتفوا بقراءة ما تيسر لكم من القرآن.

3- ووجه الله الدائنين إلى التيسير على المدينين المعسرين، فقال عز وجل في سورة (البقرة 2):

(وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280))

فعلمهم الله بذلك سماحة النفس، وحسن التغاضي عن المعسرين.

وروى البخاري ومسلم عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

إن رجلًا كان فيمن قبلكم أتاه الملك ليقبض روحه، فقيل له: هل عملت من خير؟ قال: ما أعلم. قيل له: انظر. قال: ما أعلم شيئًا غير أني كنت أبايع الناس في الدنيا وأجازيهم، فأنظر الموسر وأتجاوز عن المعسر، فأدخله الله الجنة.

وفي رواية لمسلم نحو هذا الحديث عن عقبة بن عامر، وأبي مسعود الأنصاري، وفيها:

فقال الله أنا أحق بذا منك، تجاوزوا عن عبدي.

4- وروى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيءٍ من الدلجة.

الغدوة: هي أول النهار. والروحة: هي آخر النهار. والدلجة: هي آخر الليل.

أي: استعينوا على القيام بطاعة الله بأوقات نشاطكم، وحضور همتكم، وذلك في أول النهار، وفي آخره، وفي آخر الليل، ولا تكلفوا نفوسكم ما لا تطيقون من الأعمال.

5- وروى مسلم عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون.

والمتنطعون: هم المتعمقون المشددون في غير موضع التشديد.

وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم هلاك المتنطعين بتكريره، خوفًا على أمته من أن يأتي مشددون فيشددوا عليهم دينهم، وفي هذا توجيه للسير مع سماحة الإسلام ويسره.

6- ومن سماحة الإسلام ويسره توجيهه إلى المداومة على عمل الخير القليل، دون الإفراط في العمل الكثير، ثم الانقطاع عنه.

روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.

وروى البخاري ومسلم عن عائشة أيضًا قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا.

وروى البخاري ومسلم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ليصل أحدكم نشاطه، وإذا فتر فليقعد.