نداءات الرحمن لأهل الإيمان _ النداء الرابع والستون ( مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم ووجوب الصلاة عليه )

نداءات الرحمن لأهل الإيمان _  النداء الرابع والستون   ( مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم ووجوب الصلاة عليه )
423 0

الوصف

   النداء الرابع والستون

  مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم ووجوب الصلاة عليه  

قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (الأحزاب: 56). 

  * موضوع الآية:

مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم ووجوب الصلاة والسلام عليه  

*  معاني الكلمات:

 (إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ): محمد صلى الله عليه وسلم، أي يعتنون بإظهارها شرفه، وتعظيم شأنه. والصلاة في اللغة: الدعاء، يقال صلى عليه: أي دعا له، وهي من الله الرحمة والرضوان، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار، ومن الأمة دعاء وتعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم. 

 (صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا): أي اعتنوا أنتم أيضًا بالصلاة عليه، فإنكم أولى بذلك، وقولوا: اللهم صل وسلم على محمد الخ. 

*  مناسبة الآية لما قبلها:

بعد أن ذكر سبحانه وجوب احترام النبي صلى الله عليه وسلم حال خلوته بقوله: (لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ) (الأحزاب: 53)، أردف ذلك سبحانه ببيان ما له من احترام في الملأ الأعلى بقوله ( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) وفي الملأ الأدنى بقوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) . 

*  المعنى الإجمالي:

لما ذكر تعالى في الآيات السابقة ما يجب على المؤمنين من تعظيمهم نبيهم صلى الله عليه وسلم واحترامه حيًّا وميتًا، بين سبحانه شرف نبيه صلى الله عليه وسلم، الذي لا يدانيه شرف. وعن رفعته التي لا تدانيها رفعة. فأخبر أنه سبحانه وتعالى يصلي عليه، وأن ملائكته كذلك يصلون عليه، وأمر المؤمنين كافة أن يصلوا عليه، فقال تعالى: ( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) فكان واجبًا على كل مؤمن ومؤمنة أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ولو مرة في العمر يقول: اللهم صل على محمد وسلم تسليما. 

قال القرطبي رحمه الله: والصلاة من الله رحمته ورضوانه، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار، ومن الأمة الدعاء والتعظيم لأمره، فأنتم أيها المؤمنون أكثروا من الصلاة عليه والتسليم، فحقه عليكم عظيم، فقد كان المنقذ لكم، من الضلالة إلى الهدى، والمخرج لكم من الظلمات إلى النور، فقولوا كلما ذكر اسمه الشريف: اللهم صل على محمد وآله وسلم تسليما كثيرا. 

عن كعب بن عجرة قلنا: يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آله محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وبارك على محمد على آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وهذا الأمر بالصلاة والسلام عليه مشروع في جميع الأوقات، وأوجيه كثير من العلماء في الصلاة. 

قال الصاوي: وحكمة صلاة الملائكة والمؤمنين على النبي صلى الله عليه وسلم تشريفهم بذلك، حيث اقتدوا بالله جل وعلا في الصلاة عليه وتعظيمه، ومكافأة لبعض حقوقه على الخلق؛ لأنه الواسطة العظمى في كل نعمة وصلت لهم، وحق على من وصل له نعمة من شخص أن يكافئة، ولما كان الخلق عاجزين على مكافأته صلى الله عليه وسلم، طلبوا من القادر الملك أن يكافئه، وهذا هو السر في قولهم: اللهم صل على محمد. 

  الصلاة على النبي أمر إلهي فهو الإنسان الكامل  

ارتبط العلم في الإسلام بالإيمان، فقد وهب الله الإنسان عقلًا وقلبًا وجسمًا. وغذاء العقل العلم، وغذاء القلب الحب. فالإنسان شطران: شطر مدرك، وشطر محب. والإدراك أن تؤمن بالله، قال تعالى: ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (1)  (العلق: 1). ومن أجل أن تؤمن فعليك بالعلم، فالعلم في الإسلام مرتبط بالإيمان، لأن هذا الكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، والنبي صلى الله عليه وسلم قرآن يمشي. 

وللإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، وأي إنسان لا يشعر بحاجة إلى أن يُحِب، أو إلى أن يُحَب ليس من بني البشر، لكن الناس يتفاوتون فيمن يحبون، وأكفر كفار الأرض من أحب الدنيا، أو المرأة، والطعام والشراب، والعلو في الأرض والسيطرة، وإرعاب الناس ليخشوه مخافة شره. والآية التي أوردناها متعلقة بالجانب الثاني. 

ولكن ينبغي للإنسان ألا يتعلق قلبه بالدنيا. وعليه أن يحب الإنسان الكامل الأول وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال: "سلوا الله لي الوسيلة، قالوا: يا رسول الله وما الوسيلة؟ قال: أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد أرجو أن أكون أنا"  (رواه الترمذي عن أبو هريرة). 

فنحن عقب الأذان ندعو بالدعاء المسنون أن ندعوه به صلى الله عليه وسلم وهو: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آتِ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته وارزقنا زيارته وشفاعته. وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه بنص القرآن الكريم: (فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) (81)  (الزخرف: 81). 

ينبغي أن تحب الإنسان الأول الكامل صلى الله عليه وسلم، لأن كماله استدعى أن يتجلى الله عزوجل عليه، وكانت مكافأة هذا الحب كبيرة جدًا، قد لا يحس بها الإنسان كاملة في أبعادها الحسيّة، ولكنها متحققة في الشعور طمأنينة وسكينة. 

ويجب على المسلمين احترام رسولنا الكريم، واتباع سنته، فقد قدره ربنا جل جلاله حق قدره، فلم يخاطبه باسمه قط، كما خاطب الأنبياء عليهم السلام، قال تعالى: (يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي) (المائدة: 116). 

وقال: ( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) (مريم: 13) .. فهو أرحمنا بنا، وأعلمنا منا، وأخشانا لله، وألطفنا خلقًا، والكمال البشري متمثل في هذا النبي الكريم الذي أقسم الله بعمره الثمين، قال تعالى: ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (72)  (الحجر: 72)، وخاطبه ربنا قائلًا: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ) (الأحزاب: 28). والنبي صلى الله عليه وسلم تلقّى أعلى تجلٍّ من الله تعالى لكماله المطلق، وهو الذي بلغ سدرة المنتهى. إنه الإنسان الذي يمثل الكمال البشري 

*  مواطن الصلاة على النبي:

مواطن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع ذكر الدليل:

ذكرها ابن القيم وهي (41) مواطنًا نذكر منها:

  الموطن الأول:

وهو آكدها وأهمها في الصلاة في التشهد الأخير، وقد أجمع المسلمون على شرعيته، لحديث فضالة بن عبيد صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يدعو في صلاته، ولم يحمد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عجل هذا" ثم دعاه فقال له أو لغيره: "إذا أصل أحدكم ليبدأ بحمد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وآل محمد ثم يدعو بما يشاء" .

  الموطن الثاني:

في التشهد الأول في الصلوات، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد، وذكر الحديث، ثم قال: ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم. وفي حديث بريدة: "إذا جلست في صلاتك فلا تتركن الصلاة علي، فإنها زكاة الصلاة".   

  الموطن الثالث:

الصلاة عليه في آخر القنوت، لحديث الحسن بن علي: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات، وذكر دعاء القنوت: "اللهم اهدني فيمن هديت..." الخ قال: وصلى الله على النبي. 

  الموطن الرابع:

في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثانية، لحديث أبي أمامة ابن سهل أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخبره: أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب سرًا في نفسه بعد التكبيرة الأولى، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، يعني بعد التكبيرة الثانية. 

  الموطن الخامس:

في الخطب: الجمعة، العيدين، الاستسقاء، لحديث أبي موسى: أنه كان إذا خطب فحمد الله وأثنى عليه، صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فرفع ذلك إلى عمر فأقره على الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، فدل هذا على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الخطب فكان أمرًا مشهورا عند الصحابة رضي الله عنهم. 

  الموطن السادس:

بعد إجابة المؤذن وعند الإقامة، لما روى مسلم في صحيحه عن عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليه، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا"  وذكر الحديث. 

  موطن السابع:

عند الدعاء، وله ثلاث مراتب: إحداها أن يصلي عليه قبل الدعاء، وبعد حمد الله تعالى. لحديث  "فضالة المتقدم"  ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم ليصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدعو بعد بما شاء"   

والمرتبة الثانية:

أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في أول الدعاء وأوسطه وآخره، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تجعلوني كقدح الراكب"  فذكر الحديث وقال: "اجعلوني في وسط الدعاء وفي أوله وفي آخره"   

المرتبة الثالثة:

أن يصلي عليه في أوله وآخره، ويجعل حاجته متوسطة بينهما. قال أبو سليمان الداراني: من أراد أن يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وليسأل حاجته، وليختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مقبولة، والله أكرم أن يرد ما بينهما. قال الإمام ابن القيم: وهذه المواطن التي تقدمت كلها شرعت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيها أمام الدعاء، ومفتاح الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن مفتاح الصلاة الطهور. والصلاةعلى النبي صلى الله عليه وسلم للدعاء بمنزلة الفاتحة من الصلاة. 

  الموطن الثامن:

عند دخول المسجد وعند الخروج منه، لما روى ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم"  وذكر الحديث  "وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم"   

  الموطن التاسع:

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا والمروة، لحديث ابن عمر أنه كان يكبر على الصفا ثلاثًا، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو ويطيل القيام والدعاء، ثم يفعل على المروة مثل ذلك. 

  الموطن العاشر:

عند اجتماع القوم قبل تفرقهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: " ما جلس قوم مجلسا ثم تفرقوا ولم يذكروا الله ولم يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم من الله تِرة. إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم" –تِرة- حسرة وندامة. 

  الموطن الحادي عشر:

عند ذكره صلى الله عليه وسلم لحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل على".   

  الموطن الثاني عشر:

عند الفراغ من التلبية، لحديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من تلبيتة، سأل الله تعالى مغفرته ورضوانه، واستعاذ برحمته من النار. قال القاسم بن محمد: يستحب للرجل إذا فرغ من تلبيته أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك من توابع الدعاء. 

  الموطن الثالث عشر:

عند استلام الحجر، لحديث نافع قال: كان ابن عمر رضي الله عنه إذا أراد أن يستلم الحجر قال: اللهم إيمانا بك، وتصديقا بكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم. 

  الموطن الرابع عشر:

عند الوقوف على قبره صلى الله عليه وسلم لقول عبد الله بن دينار: رأيت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو لأبي بكر وعمر رضي الله عنه. 

  الموطن الخامس عشر:

إذا خرج إلى السوق أو إلى دعوة أو نحوها لقول أبي وائل: ما رأيت عبد الله يعني ابن مسعود جلس في مأدبة ولا جنازة ولا غير ذلك فيقوم حتى يحمد الله، ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلمـ ويدعو بدعوات. وإن كان يخرج إلى السوق، فيأتي أغفلها مكانًا، فيحمد الله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو بدعوات. 

  الموطن السادس عشر:

إذا قام من نوم الليل، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: يضحك الله عز وجل إلى رجلين ذكر الحديث، وفيه: ورجل قام في جوف الليل لا يعلم به أحد، فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم حمد الله ومجده، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، واستفتح القرآن، فذلك الله يضحك إليه، الحديث. 

  الموطن السابع عشر:

عقب ختم القرآن، لما ورد أن أنسًا رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله وولده. وقال ابن مسعود: من ختم القرآن فله دعوة مستجابة. قال ابن القيم: وإذا كان هذا من آكد مواطن الدعاء، وأحقها بالإجابة فهو من آكد مواطن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. 

  الموطن الثامن عشر:

الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أكثروا علي من الصلاة في كل يوم الجمعة، فإن صلاة أمتى تعرض علي في كل يوم الجمعة، فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقربهم من منزلة"   .

  الموطن التاسع عشر:

عند القيام من المجلس، لما ورد أن سفيان الثوري كان إذا أراد القيام يقول: صلى الله وملائكته على محمد وعلى أنبيائه وملائكته. 

  الموطن العشرون:

عند المرور على المساجد، لقول علي رضي الله عنه: إذا مررتم بالمسجد فصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم. 

  الموطن الواحد والعشرون:

عند الهم والشدائد وطلب المغفرة، لحديث أبي بن كعب، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: يا أيها الناس اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه، قال أبي: قلت يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: "ما شئت". قال قلت الربع. قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك". قلت النصف قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك". قال قلت فالثلثين قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك". قال: أجعل لك صلاتي كلها قال: "إذًا تكفى همك ويغفر لك ذنبك". رواه الترمذي وقال: حديث حسن. 

  الموطن الثاني والعشرون:

عند كتابة اسمه صلى الله عليه وسلم، لحديث أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة يستغفرون له ما دام اسمى في ذلك الكتاب". 

وقد درج بعض الكتاب عند ذكره للنبي صلى الله عليه وسلم برمز (ص) أو (صلعم) وهذا لا يجوز. 

  الموطن الثالث والعشرون:

عند تبليغ العلم للناس والقصص والتذكير وإلقاء الدروس والتعليم في أول ذلك وآخره، فقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى صفر بن برقان: وإن من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءك كتابي هذا فمرهم أن تكون صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم، ودعاؤهم للمسلمين عامة، ويدعو ما سوى ذلك. قال ابن القيم: والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموطن؛ لأنه موطن لتبليغ العلم، الذي جاء به ونشره في أمته، وإلقائه إليهم، ودعوتهم إلى سنته وطريقته، صلى الله عليه وسلم، وهذا من أفضل الأعمال، وأنفعها نفعًا وفي الدنيا والآخرة، فكان هذا الموطن محلًا للصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم. 

  الموطن الرابع والعشرون:

الصلاة عليه أول النهار وآخره، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى علي حين يصبح عشرًا وحين يمسي عشرًا أدركته شفاعتي يوم القيامة"   

  الموطن الخامس والعشرون:

عقب الذنب إذا أراد أن يكفر عنه، لحديث أنس رضي الله عنه، عنه صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا علي، فإن الصلاة علي كفارة لكم، فمن صلى علي صلى الله عليه عشرًا". 

  الموطن السادس والعشرون:

عند إلمام الفقر والحاجة أو خوف وقوعه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "كثرة الذكر والصلاة علي تنفي الفقر"   

  الموطن السابع والعشرون:

عند خطبة الرجل المرأة في النكاح، وقد جاء عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: ( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) قال: أثنوا عليه في صلاتكم وفي مساجدكم وفي كل موطن وفي خطبة النساء فلا تنسوه. 

  الموطن الثامن والعشرون:

بعد الفراغ من الوضوء، لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فرع أحدكم من طهوره فليقل: أشهد أن لا إله إلا الله وإن محمدًا عبده ورسوله. ثم ليصل علي فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة"   

  الموطن الثلاثون:

عند دخول المنزل، لحديث سالم بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخلت منزلك فسلم إن كان فيه أحد، أو لم يكن فيه أحد، ثم سلم علي"   

  الموطن الواحد والثلاثون:

في كل موطن يجتمع فيه لذكر الله تعالى، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن لله سيارة من الملائكة إذا مروا بحلق الذكر قال بعضهم لبعض: اقعدوا فإذا دعا القوم أمنوا على دعائهم، فإذا صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم صلوا معهم، حتى يفرغوا، ثم يقول بعضهم لبعض: طوبى لهؤلاء يرجعون مغفورًا لهم". 

  الموطن الثاني والثلاثون:

إذا نسى الشيء وأراد ذكره، لقول أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا نسيتم شيئا فصلوا علي تذكروه إن شاء الله" – وهذا الحديث فيه ضعف، ولكن يستأنس له بقوله تعالى: ( وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) (الكهف: 24)، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من ذكر الله تعالى. 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الحديث الضعيف إذا ورد في التحريض على عمل أصله مشروع، فالعمل به جائز، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة دون تحديت وقت. 

  الموطن الثالث والثلاثون:

عند الحاجة تعرض للعبد لقول ابن مسعود: إذا أردت أن تسأل الله حاجة فابدأ بالمدحة والتحميد والثناء على الله بما هو أهله عز وجل، ثم صل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ادع بعد، فإن ذلك أحرى أن تصيب حاجتك. 

  الموطن الرابع والثلاثون:

عقب الصلوات بعد الذكر؛ لأن الدعاء والذكر مطلوب عقب الصلوات – وهو من مواطن الاستجابة. 

في الصلاة في غير التشهد إذا صلى تطوعًا ومر بآية فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يقف ويصلي عليه. قاله الإمام أحمد والحسن البصبري، ونصره ابن القيم في كتاب جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام. 

  الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:

1- امتثال أمر الله سبحانه وتعالى. 

2- موافقته سبحانه في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وإن اختلفت الصلاتان، فصلاتنا عليه دعاء وسؤال، وصلاة الله عليه ثناء وتشريف. 

3- موافقة ملائكتة فيها. 

4- حصول عشر صلوات من الله على المصلي مرة. 

5- أنه يرفع عشر درجات. 

6- أنه يكتب له عشر حسنات. 

7- أنه يمحى عنه عشر سيئات. 

8- أنه يرجي إجابة دعائه إذا قدمها أمامه، فهي تصاعد الدعاء إلى رب العالمين. 

9- أنها سبب لشفاعته صلى الله عليه وسلم إذا قرنها بسؤال الوسيلة له أو أفردها. 

10- أنها سبب لغفران الذنوب. 

11- أنها سبب لكفاية الله العبد ما أهمه. 

12- أنها سبب لقرب العبد منه صلى الله عليه وسلم. 

13- أنها تقوم مقام الصدقة لذي العسرة. 

14- أنها سبب لقضاء الحوائج. 

15- أنها سبب لصلاة الله على المصلي وصلاة وملائكته عليه. 

16- أنها زكاة للمصلي وطهارة له. 

17- أنها سبب لرد النبي صلى الله عليه وسلم على المصلي والمسلم عليه. 

18- أنها سبب لطيب المجلس، وأن لا يعود حسرة على أهله يوم القيامة. 

19- أنها تنفي عن العبد اسم البخل إذا صلى عليه عند ذكره صلى الله عليه وسلم. 

20- أنها ترمي صاحبها على طريق الجنة، وتخطيء بتاركها عن طريقها. 

21- أنها تنجي من نتن المجلس الذي لا يذكر فيه الله ورسوله، ويحمد ويثنى عليه فيه، ويصلى على رسوله صلى الله عليه وسلم. 

22- أنها سبب لتمام الكلام الذي ابتديء بحمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم. 

23- أنه يخرج بها العبد عن الجفاء. 

24- أنها سبب للبركة في ذات المصلي وعمله وعمره وأسباب مصالحه. 

25- أنها سبب لنيل رحمة الله له. 

26- أنها سبب لدوام محبته للرسول صلى الله عليه وسلم وزيادتها وتضاعفها. 

27- أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم سبب لمحبته صلى الله عليه وسلم للعبد. 

28- أنها سبب لعرض اسم المصلي عليه صلى الله عليه وسلم وذكره عنده. 

29- أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أداء لأقل القليل من حقه، وشكر له على نعمته التي أنعم الله بها علينا. 

30- أنها متضمنة لذكر الله وشكره، فالمصلي عليه صلى الله عليه وسلم قد تضمنت صلاته ذكر الله وذكر رسوله صلى الله عليه وسلم. 

31- أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من العبد هي دعاء، ودعاء العبد وسؤاله من ربه نوعان:

أحدهما: سؤاله حوائجه ومهماته، وما ينوبه في الليل والنهار، فهذا دعاء وسؤال وإيثار لمحبوب البعد ومطلوبه. 

الثاني: سؤاله أن يثني عليه خليله وحبيبه صلى الله عليه وسلم، ويزيد في تشريفه وتكريمه وإيثاره ذكره ورفعه