كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية (لماذا نسخت القبلة إلى بيت المقدس؟)

كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية (لماذا نسخت القبلة إلى بيت المقدس؟)
183 0

الوصف

                                                   الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية

                                                 (لماذا نسخت القبلة إلى بيت المقدس؟)

كانتْ قبلةُ المسلمين بيتَ المقدس، وصَلّوا إِليها سبعةَ عشرَ شهراً بعدَ الهجرة، ثم نَسَخَ اللهُ تلك القبلة، وحَوَّلهم إِلى الكعبة، وذلك في قوله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) .

وادَّعى الفادي المفترِي أَنه اكتشفَ الأَسبابَ الحقيقيةَ لهذا النَّسخ. قال: " جاءَتْ هذهِ الآية ُ الناسخةُ، بعدَ أَنْ كانَ المسلمون يُصَلُّون مستَقْبِلين بيتَ المقدس، وأَرادَ محمدٌ أَنْ يَستميلَ العربَ إِليه، ولكي لا يَتحوَّلوا إِلى اليهوديةِ التي كان يُقَدّسُ قبلَتَها، قال: إِنَّ اللهَ غَيَّرَ له القبلةَ إِلى القبلةِ التي يَرْضاها، فحُكْمُ النسخِ ليس حسبَ المشيئةِ الإِلهية الثابتة، بل حسبَ هوى محمدٍ ورضاه!! "

يُفَسرُ المجرمُ المفترِي الأَحكامَ الشرعيةَ تفسيراً سياسيّاً ومصلحياً، ويُنَحّي التفسيرَ الإِيماني، لأَنه يَنفي أَساساً كونَ القرآنِ من عند الله، ويجعلُه من تأليفِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -.

كانَ محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - يُقَدِّسُ قبلةَ اليهود، وكان يُصَلِّي إِليها، لكنه خشيَ أَنْ يتأَثَّرَ قومُه العربُ باليهود، وأَنْ يَتَحَوَّلوا إِلى الديانةِ اليهودية، وبذلك يغلبُه اليهود.

وأَرادَ أَنْ يستميلَ العربَ إِليه، فحوَّلَ القبلةَ من بيتِ المقدسِ إِلى الكعبة، التي كان قومُه العربُ يقدسونَها، ويَعتبرونَها قبلةً لهم.

وادَّعى أَنَّ اللهَ أَنزلَ عليه القرآنَ بنسْخِ القبلةِ السابقةِ والتحوُّلِ إِلى القبلةِ الجديدة! فالنسخُ في القرآنِ ليس من عندِ الله، ولا بأَمْرِ الله، وإِنما هو وفقَ هوى ورغبةِ ورضا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، يَنسخُه متى يَشاء، ويُثبتُه متى يَشاء!!.

بهذا التحليلِ الخبيثِ يتعامَلُ المفترِي الحاقدُ مع مسألةِ تحويلِ القِبلة ، ويُلغي الجانبَ الربانيَّ الإِلهي، ويَجعلُ الإِسلامَ والقرآنَ والشريعةَ والأَحكامَ نتاجَ اللهو واللعبِ والعبثِ والهوى والمزاج.

وقد كانتْ آياتُ القرآنِ صريحةً في إِسنادِ تحويلِ القبلةِ إِلى الله، وفي الردِّ على السفهاءِ من الناس، الذين اعْتَرَضوا على تحويلِ القبلة.

وعند قراءةِ كلامِ الفادي المفترِي عن سببِ تحويلِ القبلةِ نجدُ أَنه أَحَدُ هؤلاء (السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ) .

قال تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٤٣) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٤٤) وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٤٥) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١٤٧)) .

الآياتُ صريحة في أَنَّ نسخَ القبلةِ إِلى بيتِ المقدس، وتحويلَها إِلى الكعبة، إِنما هو من الله، وله الحِكَمُ العديدةُ من القبلةِ الأُولى، ومن التحويلِ إِلى القبلةِ الجديدة، حِكَمٌ تربويةٌ وتشريعية، ورَدَّت الآياتُ على شبهاتِ واعتراضاتِ السفهاءِ من اليهود.

وهذه الآياتُ أَبلغُ رَدٍّ على تحليلاتِ الفادي المفتري، ونقضٍ لاتهاماتِه ضد رسولِنا الحبيبِ - صلى الله عليه وسلم -.