كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية ( ٦ - هل نسخَ تَحريمُ إِتلافِ أَشجارِ الأَعداء؟ )

كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية ( ٦ - هل نسخَ تَحريمُ إِتلافِ أَشجارِ الأَعداء؟ )
191 0

الوصف

                                                     الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية

                                                (٦ - هل نسخَ تَحريمُ إِتلافِ أَشجارِ الأَعداء؟ )

ادّعى الفادي المجرمُ أَنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - حَرَّمَ إِتْلافَ أَشجارِ الأَعداء وقْتَ حربِهم، ثم نسخَ ذلك وأَباحَ إِتلافَ أَشجارِهم والعبثَ بمزارعِهم.

أَوردَ قولَه تعالى: (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (٥)) .

وعَلَّقَ على الآيةِ قائلاً: " لما حاصرَ محمدٌ يهودَ بني النَّضير بجوارِ يثرب، قَطَعَ نخيلَهم، فنادوه من الحصون: يا محمد! قد كُنتَ تَنهى عن الفسادِ، وتُعيبُه على مَنْ صَنَعَهُ، فما بال قَطْعِ النخيلِ وتحريقِها؟ فارتابَ بعضُ الصحابة بِجَوازِ هذا الفعل، وتأَثَّروا من اعتراضِ بني النضير، فأَتى الناسخُ، وجعلَ هذه الأَفعالَ الفاسدةَ بإِذن الله! ".

لا نَسْخَ في هذه الحادثةِ، ودعوى النسخِ في ذهنِ الفادي المجرم، ليتهكَّمَ على القرآن، ويُدينَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. 

لما حاصرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يهودَ بني النَّضيرِ في السنةِ الرابعةِ للهجرة، شَنَّ عليهم حرباً اقتصادية، فأَمَرَ الصحابةَ بقَطْعِ وحَرْقِ بعضِ نَخيلِهم في بساتينِهم، ليوقعَ الحسرةَ في نفوسِهم، فأَنكروا عليه ذلك، ونَادَوهُ من الحصونِ قائلين: يا أَبا القاسم: قد كنتَ تَنْهى عن الفسادِ، فلماذا تَقطعُ النخيلَ وتَحرقُه؟!. 

وكأَنَّ بعضَ الصحابةِ تَحَرَّجوا من ذلك، فأَرادَ اللهُ أَنْ يُزيلَ ذلك التحرجَ من قلوبهم، فأَنزلَ آيةً حكيمةً تبَيّنُ مشروعيتَه، وهي قولُه تعالى:(مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (٥)) 

أَيةُ نخلةٍ قَطعوها كان ذلك بإِذْنِ الله، وأَيةُ نخلةٍ تَركوها قائمةً على أُصولِها كان ذلك بإِذن الله، والمرادُ بإِذْنِه سبحانه رِضاهُ عن ذلك وإِباحتُه، ومنحُ الثوابِ للصحابةِ الذين فَعَلوه، ومن حِكَمِ ذلك أَنه أَرادَ سبحانه أَنْ يَنصرَ المؤمنين، ويُخزيَ اليهودَ الفاسقين الكافرين.

واللهُ هو الذي أَوحى إِلى نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وهو أَمَرَ الصحابةَ به فنفَّذوه. فأَينَ الناسخُ والمنسوخُ في الآية؟ وما الذي نسخَتْه الآيةُ؟ ولماذا زَعَمَ الفادي الجاهلُ أَنها ناسخة؟ وكيف يَصِفُ قطعَ النخيلِ الذي أَذِنَ اللهُ به ورضيَه وأَباحَه أَفعالاً فاسدة؟ وهل اللهُ يأذنُ ويُجيزُ أَفعالاً فاسدة؟!.

إِنَّ الآيةَ أَباحَتْ قطعَ نخيلِ اليهود، ودلَّتْ على مشروعيةِ الحربِ الاقتصاديةِ ضدَّ الأَعداءِ المحاربين، وتَدميرِ اقتصادِهم وممتلكاتِهم، وهذا التشريعُ الذي قررَتْه لا يُسمى نَسْخاً، لأَنه لم يَنسخْ حكْماً تشريعياً قبلَه! ولكنَّ الفادي المفترِي جاهل، ولذلك جَعَلَها ناسخةً لحرمةِ قَطْعِ النخيل، مع أَنه لم يَسبقْ أَنْ جاءَ حكمٌ شرعيٌّ بحرمةِ قَطْعِ النخيل!.