كتاب المفردات في غريب القرآن - كتاب الألف (أحد - أخذ - أخ - أخر )

الوصف
كتاب الألف
(أحد )
أَحَدٌ يستعمل على ضربين:
أحدهما: في النفي فقط
والثاني: في الإثبات.
فأمّا المختص بالنفي فلاستغراق جنس الناطقين، ويتناول القليل والكثير على طريق الاجتماع والافتراق، نحو: ما في الدار أحد، أي: لا واحد ولا اثنان فصاعدا لا مجتمعين ولا مفترقين، ولهذا المعنى لم يصحّ استعماله في
الإثبات، لأنّ نفي المتضادين يصح، ولا يصحّ إثباتهما، فلو قيل: في الدار واحد لكان فيه إثبات واحدٍ منفرد مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ومفترقين، وذلك ظاهر الإحالة، ولتناول ذلك ما فوق الواحد يصح أن يقال: ما من أحدٍ فاضلين ، كقوله تعالى: (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) [الحاقة/ ٤٧] .
وأمّا المستعمل في الإثبات فعلى ثلاثة أوجه:
الأول: في الواحد المضموم إلى العشرات نحو: أحد عشر وأحد وعشرين.
والثاني: أن يستعمل مضافا أو مضافا إليه بمعنى الأول، كقوله تعالى: (أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً) [يوسف/ ٤١] ، وقولهم: يوم الأحد. أي: يوم الأول، ويوم الاثنين.
والثالث: أن يستعمل مطلقا وصفا، وليس ذلك إلا في وصف الله تعالى بقوله: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) [الإخلاص/ ١] ، وأصله: وحد ،
ولكن وحد يستعمل في غيره نحو قول النابغة: كأنّ رحلي وقد زال النهار بنا ... بذي الجليل على مستأنس وحد.
[أخذ]
الأَخْذُ: حوز الشيء وتحصيله، وذلك تارةً بالتناول نحو: (مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) [يوسف/ ٧٩] ، وتارةً بالقهر نحو قوله تعالى: (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) [البقرة/ ٢٥٥] .
ويقال: أخذته الحمّى، وقال تعالى: (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) [هود/ ٦٧] ، (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) [النازعات/ ٢٥] ، وقال: (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى) [هود/ ١٠٢] .
ويعبّر عن الأسير بالأَخِيذِ والمأخوذ، والاتّخاذ افتعال منه، ويعدّى إلى مفعولين ويجري مجرى الجعل نحو قوله تعالى: (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) [المائدة/ ٥١] ، (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) [الشورى/ ٩] ، (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا) [المؤمنون/ ١١٠] ، أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ: (اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) [المائدة/ ١١٦] ، وقوله تعالى: (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ) [النحل/ ٦١] فتخصيص لفظ المؤاخذة تنبيه على معنى المجازاة والمقابلة لما أخذوه من النعم فلم يقابلوه بالشكر.
ويقال: فلان مأخوذ، وبه أَخْذَةٌ من الجن، وفلان يأخذ مَأْخَذَ فلان، أي: يفعل فعله ويسلك مسلكه، ورجل أَخِيذٌ، وبه أُخُذٌ كناية عن الرّمد.
والإخاذة والإخاذ: أرض يأخذها الرجل لنفسه ، وذهبوا ومن أخذ أَخْذَهُمْ وإِخْذَهُمْ .
[أخ]
أخ الأصل أخو، وهو: المشارك آخر في الولادة من الطرفين، أو من أحدهما أو من الرضاع.
ويستعار في كل مشارك لغيره في القبيلة، أو في الدّين، أو في صنعة، أو في معاملة أو في مودّة، وفي غير ذلك من المناسبات.
قوله تعالى: (لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ) [آل عمران/ ١٥٦] ، أي: لمشاركيهم في الكفر، وقال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات/ ١٠] ، (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) [الحجرات/ ١٢] ، وقوله: (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ) [النساء/ ١١] ، أي: إخوان وأخوات، وقوله تعالى: (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) [الحجر/ ٤٧] ، تنبيه على انتفاء المخالفة من بينهم.
والأخت: تأنيث الأخ، وجعل التاء فيه كالعوض من المحذوف منه، وقوله تعالى: (يا أُخْتَ هارُونَ) [مريم/ ٢٨] ، يعني: أخته في الصلاح لا في النسبة، وذلك كقولهم: يا أخا تميم. وقوله تعالى: (أَخا عادٍ) [الأحقاف/ ٢١] ، سمّاه أخاً تنبيهاً على إشفاقه عليهم شفقة الأخ على أخيه، وعلى هذا قوله تعالى: (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ) [الأعراف/ ٧٣] (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ) [الأعراف/ ٦٥] ، وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ [الأعراف/ ٨٥] ، وقوله: وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها [الزخرف/ ٤٨] ، أي: من الآية التي تقدّمتها، وسمّاها أختاً لها لاشتراكهما في الصحة والإبانة والصدق، وقوله تعالى: كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها [الأعراف/ ٣٨] ، فإشارة إلى أوليائهم المذكورين في نحو قوله تعالى: أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ [البقرة/ ٢٥٧] ، وتأخّيت أي: تحرّيت «٣» تحرِّي الأخ للأخ، واعتبر من الإخوة معنى الملازمة فقيل: أخيّة الدابة «٤» .
[أخر]
آخِر يقابل به الأوّل، وآخَر يقابل به الواحد، ويعبّر بالدار الآخرة عن النشأة الثانية، كما يعبّر بالدارالدنيا عن النشأة الأولى نحو: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ [العنكبوت/ ٦٤] ، وربما ترك ذكر الدار نحو قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ [هود/ ١٦] .
وقد توصف الدار بالآخرة تارةً، وتضاف إليها تارةً نحو قوله تعالى: وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ [الأنعام/ ٣٢] ، وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا «١» [يوسف/ ١٠٩] .
وتقدير الإضافة: دار الحياة الآخرة. و «أُخَر» معدول عن تقدير ما فيه الألف واللام، وليس له نظير في كلامهم، فإنّ أفعل من كذا، - إمّا أن يذكر معه «من» لفظا أو تقديرا، فلا يثنّى ولا يجمع ولا يؤنّث.
- وإمّا أن يحذف منه «من» فيدخل عليه الألف واللام فيثنّى ويجمع.
وهذه اللفظة من بين أخواتها جوّز فيها ذلك من غير الألف واللام. والتأخير مقابل للتقديم، قال تعالى: بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ [القيامة/ ١٣] ، ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ [الفتح/ ٢] ، إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ [إبراهيم/ ٤٢] ، رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ [إبراهيم/ ٤٤] .
وبعته بِأَخِرَةٍ. أي: بتأخير أجل، كقوله: بنظرة. وقولهم: أبعد الله الأَخِرَ أي: المتأخر عن الفضيلة وعن تحرّي الحق «٢» .