نداءات الرحمن لأهل الإيمان_ النداء الثاني والسبعون ( أدب المؤمن مع المؤمن ومع الناس كافة)

نداءات الرحمن لأهل الإيمان_ النداء الثاني والسبعون ( أدب المؤمن مع المؤمن ومع الناس كافة)
566 0

الوصف

النداء الثاني والسبعون
أدب المؤمن مع المؤمن ومع الناس كافة


قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (الحجرات: 11). 

  * موضوع الآية:

أدب المؤمن مع المؤمن ومع الناس كافة، وحرمة السخرية بالمؤمن والتنابز بالألقاب السيئة  

*  معاني الكلمات:

 (لاَ يَسْخَرْ): أي لا يهزأ ولا يحقر ولا يعب. 

 (قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ): هم الرجال دون النساء. 

 ( وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ): أي لا يعب بعضكم بعضًا– واللمز: الطعن والتنبيه إلى المعايب بقول أو إشارة باليد أو بالعين. 

 (وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ): أي لا يدعو بعضكم بعضًا بلقب يكرهه، نحو: يا فاسق. يا جاهل. يا منافق. أو نحو ذلك. 

 (بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ): أي قبح اسم الفسوق يكون للمرء بعد إيمانه وإسلامه. 

 (وَمَن لَّمْ يَتُبْ): من ذلك النهي. 

 (فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ): بوضع العصيان موضوع الطاعة، وتعريض النفس للعذاب. 

  سبب نزول قوله تعالى: ( لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ)  

قال الضحاك: نزلت في وفد بني تميم الذين تقدم ذكرهم في سبب نزول الآية من هذه السورة – استهزءوا بفقراء الصحابة مثل عمار وخباب وابن فهيرة وبلال وصهيب وسلمان وسالم مولى أبي حذيفة وغيرهم، لما رأوا من رثاثة حالهم، فنزلت في الذين آمنوا منهم. 

وقال مجاهد: هو سخرية الغني من الفقير، وقال ابن زيد: لا يسخر من ستر الله عليه ذنوبه ممن كشفه الله، فلعل إظهار ذنوبه في الدنيا خير له ومن إظهارها في الآخرة . 

 وقيل نزلت في ثابت بن قيس بن شماس عيره رجل بأم كانت له في الجاهلية، فنكس الرجل استحياء، فأنزل الله هذه الآية. 

وقيل: نزلت في عكرمة بن أبي جهل حين قدم المدينة إذ رأوه قالوا: ابن فرعون هذه الأمة. فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت. 

 * الخلاصة:

لا مانع من تعدد وقائع النزول، فقد يكون كل ما ذكر سببًا لنزول الآية، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. 

  نزول الآية: ( وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ)  

قال ابن عباس: إن صفية بنت حيي بن أخطب أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إن النساء يعيرنني ويقلن لي: يا يهودية بنت يهوديين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هلا قلت: إن أبي هارون، وإن عمي موسى، وإن زوجي محمد فأنزل الله هذه الآية. 

وقيل: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم عَيَّرْنَ أُمَّ سَلَمَةَ بِالْقِصَرِ. 

سبب نزول قوله تعالى: (وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ) أخرج أصحاب السنن الأربعة عن أبي جبيرة بن الضحاك قال: كان الرجل منا يكون له الاسمان والثلاثة، فيدعى ببعضها، فعسى أن يكرهه، فنزلت الآية: (وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ) قال الترمذي: حديث حسن. 

وأخرج الحاكم وغيره من حديث أبي جبيرة أيضا قال: كانت الألقاب في الجاهلية، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا منهم بلقبه، فقيل له: يا رسول الله إنه يكرهه. فأنزل الله (وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ) ولفظ أحمد عنه قال: فينا نزلت في بني سلمة (وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ) قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وليس فينا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة، فكان إذا دعا أحدًا منهم باسم من تلك الأسماء قالوا: يا رسول الله إن يغضب من هذا. فنزلت. 

*  المناسبة بين الآيات:

بعد أن بين الله تعالى وأرشد إلى ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن مع الله تعالى ومع النبي صلى الله عليه وسلم ومع من يخالفهما ويعصهما، وهو الفاسق، بين ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن مع المؤمن ومع الناس كافة من الامتناع عن السخرية والهمز واللمز والتنابز بالألقاب. 

*  المعنى الإجمالي:

هذه أخلاق الإسلام وآدابه العالية أَدَّبَ الله تعالى بها عباده المؤمنين، وَبَيَّنَ أن من حقوق المؤمنين بعضهم على بعض أن لا يسخر قوم من قوم، بكل كلام وقول وفعل دَالٍّ على تحقير الأخ المسلم، فإن ذلك حرام لا يجوز، وهو دال على إعجاب الساخر بنفسه، وعسى أن يكون المسخور منه خيرًا من الساخر، وهو الغالب والواقع، فإن السخرية لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق، مُتَحَلٍّ بكل خلق ذميم، متخل من كل خلق كريم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم  "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" ، قال صلى الله عليه وسلم: "ربُ أشعث أغبر ذو طمرين لا يؤيه له، لو أقسم على الله لأبرةَّ".   وهذا النداء والثلاثة التي قبله، والآتي بعده، هذه النداءات الخمسة من سورة الحجرات المباركة كلها في تربية المؤمنين وتهذيب أخلاقهم، وتزكية نفوسهم، والسمو بآدابهم، وهم لذلك أهلٌ بإيمانهم بالله ولقائه، والقرآن وأحكامه، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهديه وسننه، لذا يتعين على المؤمنين قراءة هذه النداءات بعناية، والتدبر فيها وَفَهْم معانيها، والعمل بها رجاء كمالهم وسعادتهم، حقق الله تعالى لنا ذلك ولهم آمين. 

وقوله تعالى: (لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ) أي لا يَزْدَرِ أُنَاسٌ منكم أيها المؤمنون أناسا آخرين منكم أيها المؤمنون ويحتقرونهم، فإن ذلك محرم عليكم مغضب الرب تعالى عليكم، وكيف ترضون بغضب ربكم وهو وليكم وأنتم أولياؤه بإيمانكم وتقواكم، وقوله تعالى (عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ) أي عند الله تعالى، والعبرة بما عند الله لا بما عند الناس، فلذا من القبح والسوء سخرية مؤمن بمؤمن بازدرائه واحتقاره وهو لا يدري، قد يكون من ازدراهوسخر منه خيرا عند الله وأحب إلى الله منه، ألا فلنذكر هذا فإنه في غاية الأهمية حتى لا يرانا الله جل جلاله يسخر بعضنا من بعض ونحن أولياؤه المؤمنون به المتقون له. 

وقوله تعالى: (وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ) أي ولا يحل لمؤمنة من نساء المؤمنين أن تزدري مؤمنة أخرى عسى أن تكون خيرا منها عند الله. وفي قوله ( عَسَى) إشارة أن من ازدرى به من مؤمن أو مؤمنة هو خير عند الله تعالى ممن ازدراه وسخر منه، وكما حرم اللهتعالى السخرية بين المؤمنين والمؤمنات لما يفضي إليه من العداوات والمشاحنات والبغضاء، وقد يؤول الأمر إلى التقاتل وسفك الدماء، وكيف يرضى المؤمن والمؤمنة بعداوة أخيه وبغضه وسفك دمه والعياذ بالله. 

حرم كذلك اللمز والتنابز بالألقاب، إذ قال تعالى في هذا النداء: (وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ) ومعنى اللمز: العيب، أي لا تعيبوا بعضكم بعضا فإنكم كفرد واحد. فلا يحل لمؤمن أن يعيب أخاه المؤمن؛ لأن من عاب أخاه المؤمن كأنما عاب نفسه. كما أن المعاب قد يرد العيب بعيب من عابه، وهو معنى (وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) ومن آثار اللمز وهو العيب ما روي عن ابن مسعود –رضي الله عنه – حيث قال: (البلاء موكل بالقول. لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبا). وقوله تعالى: (وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ) أي لا يحل لمؤمن أن يلقب أخاه المؤمن بلقب يكرهه، فإن ذلك يفضي إلى العداوة والبغضاء وحتى المقاتلة. وقوله تعالى: (بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ) أي قبح أشد القبح أن يلقب المسلم بلقب الفسق بعد أن أصبح مؤمنا عدلا كاملا في أخلاقه وآدابه. لذا فلا يحل لمؤمن أن يقول لأخيه المؤمن يا فاسق أو يا كافر أو يا فاجر أو يا عاهر أو يا فاسد، إذ بئس الاسم اسم الفسوق كما أن الملقب للمؤمن بألقاب السوء يعد فاسقا. وبئس الاسم له أنيكون فاسقا بعد إيمانه بالله ولقائه والرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الحق والعدل والهداية والنور. وقوله تعالى في نهاية هذا النداء: (وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) أي ومن لم يتب من جريمة احتقار المؤمنين وازدرائهم وتلقيبهم بألقاب السوء التي يكرهونها. فأولئك هم الظالمون. المتعرضون لغضب الله تعالى وعقابه والعياذ بالله من غضب الله وعقابه. 

ومن الألقاب السيئة التي يجب أن يتحاشاها المؤمن فلا يلقب بها أخاه المؤمن نحو: أنف الناقة، وقرقور، وبطة، وكل لقب مكروه وهو ما أشعر بخسة. أما ما لم يشعر بخسة فلا بأس به كحاتم في كرمه، وعنترة في بطولته، ومالك في فقهه، وأحمد في صبره وصدقه. فلا بأس بذلك. 

ولنذكر دائما أن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، فكيف يصح إذا أن يلمز أخاه ويتنابز معه أو يلقبه بلقب سوء وهذه مؤدية إلى العدوان والبغضاء؟ ألا فلنلزم أنفسنا قول الحق والصدق مع إخواننا المؤمنين. 

  من وحي الآيات: مقاييس الحق ومقاييس الخلق

تختلف مقاييس الله عز وجل عن مقاييس البشر في تقييم الناس. ومن التباعد بين المقياسين تنشأ الأمراض النفسية، مثل: السخرية، والاستعلاء، والكبر، والغيبة، والنميمة. 

وقد اعتمد القرآن الكريم على مقياسين للترجيح بين البشر: الأول: مقياس العلم، قال تعالى: ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) (الزمر: 9)، وقال: (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة: 11)، والمقياس الآخر هو: مقياس العمل، قال تعالى: (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا) (الأنعام: 132). 

أما البشر فاعتمدوا مقاييس الغنى والقوة والذكاء؛ للترجيح فيما بين البشر، وهي مقاييس خاطئة. فأنت عند الله ترقى بعلمك وعملك، فيما الناس يُعظمون الأغنياء، والأقوياء، فالغني عند الناس مبجل محترم خوفًا أو طمعًا، ولو كان غارقًا في المعاصي والآثام. 

والخلق كلهم عند الله سواسية، ليس بينه وبينهم قرابة إلا طاعتهم له. الله عز وجل وضع المقاييس للترجيح بين خلقه، وبإمكان أي إنسان أن يستخدمها ليصل إلى أعلى مرتبة عند الله. وأول مقياس هو التقوى. قال عمر بن الخطاب لسعد بن أبي وقاص – رضي الله عنهما – الذي لم يفدِ النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا من صحابته بأمه وأبيه إلا هو: (ارْمِ سَعْدٌ فِدَاكَ أَبِي وَأُمّي) (أخرجه الشيخان)، وكان إذا دخل عليه يقول: (هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ) (رواه الترمذي) قال عمر: يا سعد لا يغرنك أنه قد قيل: خال رسول الله، فالخلق كلهم عند الله سواسية، ليس بينه وبينهم قرابة إلا طاعتهم له. 

إنّ البطولة والذكاء والتوفيق أن تكون مقاييس الإنسان متطابقة مع مقاييس القرآن. 

فلو كنت فقيرًا مهمَّشًا، ومن أسرة فقيرة، ووظيفتك متواضعة، فالمقياس الذي يرفعك عند الله في متناول يديك، فهناك مكاسب لا يمكن أن تصل إليها بحكم انتمائك، أما عند الله، فبإمكانك أن تصل بالعلم والعمل إلى كل الدرجات العالية، وكن من شئت، فأنت عبد لله. فهذا الكون يدلك على الله، وهذا المنهج الرباني طريقك إلى الرفعة عند الله، وما عليك إلّا أن تكون مقاييسك متطابقة مع مقاييس القرآن. فالمؤمن يُعظَّم ويُحترم، وأهل الإيمان يُبجَّلون ولو كانوا فقراء وضعفاء. والمؤمن موحد لا يخضع إلا لله، ولا يقدر إلا المؤمنين الصادقين. 

وقد وزّع الله الحظوظ في الدنيا توزيع ابتلاء، فالمال حظ، والقوة حظ، والوسامة حظ، والذكاء حظ، وطلاقة اللسان حظ، والذكاء الاجتماعي حظ، هذه حظوظ من الله عز وجل وزعها في الدنيا توزيع ابتلاء، وعلى الإنسان أن يعلم علم اليقين أنه ممتحن فيما أعطاه الله، وفيما زوي عنه. وأن حياته محدودة، وعمره قصير. 

في هذا الواقع يعتمد الناس مقاييس باطلة، وإذا كنت مؤمنًا قدَّرت المؤمن ولو كان فقيرًا وضعيفًا، فالمؤمن كتلة من الأدب، ومتواضع لا يسخر من أحد. وإن كنت مؤمنًا حقًا فلا تعبأ بالغني ولا بالقوي، وغير المؤمن ولو كان قويًا وغنيًا. هذا هو الولاء والبراء، فراجع نفسك؛ هل تعتمد مقاييس الناس في تقييم الناس، أم تعتمد مقاييس رب الناس في تقييم الناس؟  "أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ، فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ، فَقَالَ لَهُ: هَوِّنْ عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ (رواه ابن ماجه). 

أيها المسلم: لا تسخر من أحد لعله أرقى عند الله مكانة منك، وكن مؤدبًا مع الجميع: الفقير، الغني، القوي، الضعيف، الصحيح، المريض، ويمكن – دون أن تُسمعه إذا كنت في نعمة، وكان الذي أمامك في محنة – أن تشكر الله أن عافاك من هذه المحنة، وهذا من باب شكر الله بإتمام نعمته عليك. 

والمؤمن لا يلمز ولا يغمز ولا يقلد، ولا يستعلي، ولا يسخر، لأن معرفته بالله جعلته متواضعًا. ولكن هناك من يُحقر الآخرين، أو يُحقر نفسه ليضحك الآخرين، وهناك من يحاكي الآخرين بحركاتهم، أو بعبارات يرددونها. 

كان النبي صلى الله عليه وسلم ينادي أصحابه بأحب الأسماء إليهم، سأل صحابيًا أسلم منذ دقائق: من أنت. قال: أنا زيد الخيل، فقال صلى الله عليه وسلم: بل زيد الخير. 

كما لا يجوز اتهام إنسان مؤمن، صادق، عفيف، ورع، بتهمة لا يوجد أي مؤشر على ثبوتها، فسوء الظن هنا إثم. قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)  (رواه مسلم). 

*  ما يستفاد من الآية:

1- تقرير الأخوة الإسلامية، ووجوب تحقيقها بالقول والعمل.

2- حرمة السخرية واللمز والتنابز بين المسلمين. 

3- السخرية بالناس رذيلة تغضب الرحمن وترضي الشيطان وتثير كوامن الفتن وبواعث الشر. وهي دليل على خبث الطوية وسوء الشريرة ودناءة النفس – يوصي النبي صلى الله عليه وسلم المسلم بأن يدعو أخاه بأحب الأسماء إليه. 

قيل: من سعادة المرء أن يشتغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره. قال الشاعر:

 لَا تَكْشِفَنْ مِنْ مَسَاوِئِ النَّاسِ مَا    سَتَرُوا فَيَهْتِكُ اللهُ سِتْرًا مِنْ مَسَاوِيكَا

 وَاذْكُــرْ مَــــــــــحَاسِنَ مَـــــا فِيــهِمْ إِذَا   ذُكِرُوا وَلَا تَعِبْ أَحَدًا مِنْهٌمِ بِمَا فِيكَا

وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم". 

وإن المتأمل في حال كثير من الناس اليوم أفرادًا وجماعات وتمزق بعض الأسر ووجود الفتن والبغضاء والهجر بسبب عدم التزامهم بآداب الإسلام ووجود السخرية والهمز واللمز، إما بقصد إضحاك الناس. وفي الأثر: "ويل لمضحك القوم ويل له". أو الحسد أو غيره.