موسوعةالأخلاق الإسلامية-سماحة النفس (2- فوائد سماحة النفس ومضار نكدها)

موسوعةالأخلاق الإسلامية-سماحة النفس (2- فوائد سماحة النفس ومضار نكدها)
389 0

الوصف

                                                     سماحة النفس

                                         2- فوائد سماحة النفس ومضار نكدها
               الباب الرابع : جوامع مفردات الأخلاق وكلياتها الكبرى >> الفصل الثامن: سماحة النفس >>

2- فوائد سماحة النفس ومضار نكدها

يستطيع سمح النفس الهين اللين أن يغنم في حياته أكبر قسط من السعادة وهناءة العيش؛ لأنه بخلقه هذا يتكيف مع الأوضاع الطبيعية والاجتماعية بسرعة مهما كانت غير ملائمة لما يحب أو لما تهوى نفسه، ويستطيع أن يستقبل المقادير بالرضى والتسليم مهما كانت مكروهة للنفوس.

ويستطيع سمح النفس الهين اللين أن يظفر بأكبر قسط من محبة الناس له، وثقة الناس به؛ لأنه يعاملهم بالسماحة والبشر ولين الجانب، والتغاضي عن السيئات والنقائص، فإذا دعاه الواجب إلى تقديم النصح كان في نصحه رفيقًا لينًا، سمحًا هينًا، يسر بالنصيحة، ولا يريد الفضيحة، يسد الثغرات، ولا ينشر الزلات والعثرات. ويعامل الناس أيضًا بالسماحة في الأمور المادية، فإذا باع كان سمحًا وإذا اشترى كان سمحًا، وإذا أخذ كان سمحًا، وإذا أعطى كان سمحًا، وإذا قضى ما عليه كان سمحًا وإذا اقتضى ما له كان سمحًا.

ويجلب سمح النفس الهين لنفسه الخير الدنيوي بتسامحه، وذلك لأن الناس يحبون المتسامح الهين اللين، فيميلون إلى التعامل معه، فيكثر عليه الخير بكثرة محبيه والواثقين به.

ويجلب سمح النفس الهين اللين لنفسه رضى الله تعالى والخير الأخروي العظيم، ما ابتغى بسماحته رضوان الله عز وجل.

أما نكد النفس العسير الشديد فإنه يحرم نفسه من كل الفوائد التي يظفر بها السمح الهين اللين، فهو في معظم أحواله متذمرٌ غير سعيد، ذامٌ مشاكس متضجر طعانٌ لعانٌ سيئ المعاشرة، مكروهٌ من الناس، تنفر منه الطباع، وتتحاشاه الأبصار والأسماع، ويتجافى عنه الناس اتقاء نكده وشره، ولا يتعاملون معه إلا مضطرين، فيحرم بذلك من خير دينوي كثير، وأخيرًا يحرم نفسه من حب الله ورضاه؛ لأنه كثير التسخط على مقاديره.

والنكد العسير الشديد يكره من كان مثله، فينفر منه ولا يحب معاشرته ولا التعامل معه، فإذا اضطرا إلى ذلك لم يصبر كلٌ منهما على صاحبه، فإما أن يختصما وإما أن يتفرقا.

وما أحسب أحدًا تعامل مع الناس إلا مر عليه منهم نكدون فتحاشاهم وتجافى عنهم، وآثر البعد عن معاشرتهم والتعامل معهم.

أخرج إلى السوق فأصادف من الباعة سمحاء طلقاء الوجوه، فأجد قلبي مجذوبًا إلى الشراء منهم والتعامل معهم، حتى ولو كانت بضاعتهم أقل جودة من بضاعة غيرهم، وأصادف آخرين نكدين عبوسين شرسين متشددين، فأنفر من الوقوف عندهم ومن التعامل معهم، حتى ولو كانت بضاعتهم أجود من بضاعة السمحاء الطلقاء، ولا أشتري منهم إلا مضطرًا.

وهكذا في كل مجالات التعامل والعلاقات الإنسانية الأخرى.