ماذا يحب الله ورسوله-مَن يحبه اللهُ ومَن يبغضه من الناس (يحب الله مَن يحب في الله)

ماذا يحب الله ورسوله-مَن يحبه اللهُ ومَن يبغضه من الناس (يحب الله مَن يحب في الله)
540 0

الوصف

                                                   مَن يحبه اللهُ ومَن يبغضه من الناس

                                                      يحب الله مَن يحب في الله

يحب الله مَن يحب في الله

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:

"أن رجلًا زار أخًا له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته مَلَكًا فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة ترُبُها؟ قال: لا غير أني أحببته في الله عزَّ وجلَّ. قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه".

معنى أرصده أي أقعده يرقبه، والمدرجة هي الطريق سميت بذلك؛ لأن الناس يدرجون عليها أي يمضون ويمشون. وهل لك عليه من نعمة ترُبُها، أي تقوم بإصلاحها وتنهض إليه بسبب ذلك.

الحب في الله:
في هذا الحديث فضل المحبة في الله تعالى وأنها سبب لحب الله تعالى العبد، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن الله يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أُظِلُهُم في ظلِّي يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي".

وقال صلى الله عليه وسلم:

"قال الله تعالى: حُقَّت محبتي للمتحابين فيَّ، وحُقَّت محبتي للمتواصلين فيَّ، وحُقَّت محبتي للمتناصحين فيَّ، وحُقَّت محبتي للمتزاورين فيَّ، وحُقَّت محبتي للمتباذلين فيَّ. المتحابون فيَّ على منابر من نور، يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون والشهداء".

إن كل حب لا يتصور دون الإيمان بالله واليوم الآخر، فهو حب في الله، ولكنه على درجتين: إحداهما؛ أن تحبه لتنال منه في الدنيا نصيبًا يوصلك إلى الآخرة، كحبك أستاذك وشيخك، بل تلميذك الذي ينمو علمك بتعليمه.. الثانية، وهي أعلى، أن تحبه لأنه محبوب عند الله – عزَّ وجلَّ – ويحب الله تعالى، وإن لم يتعلق غرض به لك في الدنيا والآخرة، من علم أو معونة على دين أو غيره، وهذا أكمل.. ومن أحب لقاء الله لم يمكنه ألا يحب عباده الصالحين المرضيين عنهم، إلا أن ذلك قد يقوى حتى يحمل على أن يسلك بهم مسلك نفسه، بل يؤثرهم على نفسه.

فالحب في الله هو من كمال الإيمان، والمحب في الله تابع لمحبة الله فإذا تمكنت محبته من قلب العبد أوجبت تلك المحبة أن يحب ما يحبه الله، فإذا أحب ما أحبه ربه ووليه كان ذلك الحب له وفيه كما يحب رسله وأنبياءه وملائكته وأولياءه لكونه تعالى يحبهم، ويبغض من يبغضهم لكونه تعالى يبغضهم، وعلامة هذا الحب والبغض في الله أنه لا ينقلب بغضه لبغيض الله حبًا لإحسانه إليه وخدمته له وقضاء حوائجه، ولا ينقلب حبه لحبيب الله بغضًا إذا وصل إليه من جهته ما يكرهه ويؤلمه إما خطأ وإما عمدًا مطيعًا لله فيه أو متأولًا أو مجتهدًا أو باغيًا نازعًا تائبًا، والدين كله يدور على أربع قواعد: حبٍ وبغضٍ ويترتب عليهما فعل وترك؛ فمن كان حبه وبغضه وفعله وتركه لله فقد استكمل الإيمان بحيث إذا أحب أحب لله، وإذا أبغض أبغض لله، وإذا فعل فعل لله، وإذا ترك ترك لله، وما نقص من أصنافه هذه الأربعة نقص من إيمانه ودينه بحسبه..

والمحب في الله عليه حقوق كثيرة لمن يحبه في الله تعالى، ومن هذه الحقوق: أن يخبره بأنه يحبه في الله – عزَّ وجلَّ -، وأن يبذل له نفسه وماله في مهماته في جميع حالاته، ويعينه في قضاء الحاجات والقيام بها قبل السؤال وتقديمها على الحاجات الخاصة، ولا يكلفه ما يشق عليه، ولا يتكلف له، ويسكت عن ذكر عيوبه ولا يماريه ولا يناقشه ولا يسيء الظن به، ولا يهجره فوق ثلاثة أيام، ولا يفشي سره، ويدعوه بأحب أسمائه إليه، ويثني عليه بما يعرف من محاسن أمواله، وينصره ظالمًا أو مظلومًا، ويعلمه وينصح له ويرشده إلى كل ما ينفعه في الدين والدنيا، ويستره ويعفو عن ظلاته وهفواته، ولا يقطعه ولا يهجره، ويعوده إذا مرض، ويقف بجانبه عند المصية وحوادث الزمان، ويقبل عذره، ويثبت على حبه، ويفي ويخلص له، ويدعو له في حياته وبعد مماته بكل ما يحبه لنفسه وأهله.

أما محبة ما زينه الله للنفوس من النساء والبنين والذي والفضة والخيل المسوَّمة والأنعام والحرث فيحبها محبة شهوة كمحبة الجائع للطعام والظمآن للماء، فهذه المحبة ثلاثة أنواع: فإن أحبها لله توصلًا بها إليه واستعانة على مرضاته وطاعته أثيب عليها وكانت من قسم الحب لله توصلًا بها إليه ويلتذ بالتمتع بها، وهذا حاله أكمل الخلق صلى الله عليه وسلم الذي حبب إليه من الدنيا النساء والطيب وكانت محبته لهما عونًا على محبة الله وتبليغ رسالته والقيام بأمره. وإن أحبها لموافقة طبعه وهواه وإرادته ولم يؤثرها على ما يحبه الله ويرضاه بل نالها بحكم الميل الطبيعي كانت من قسم المباحات ولم يعاقب على ذلك ولكن ينقص من كمال محبته لله والمحبة فيه. وإن كانت هي مقصوده ومراده في تحصيلها والظفر بها وقدَّمها على ما يحبه الله ويرضاه منه كان ظالمًا لنفسه متبعًا لهواه.